{لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} (سورة الجن:28). فسّر القرطبي معنى الإحصاء هنا بأنه أحصى كل شيء عدداً، أي أحاط بعدد كل شيء وعرفه وعلمه فلم يخف عليه منه شيء، وجاء في تفسيرات أخرى بمعنى العد والحفظ لا العد فقط، والإحصاء هو علم جمع ووصف وتفسير البيانات ولا يكتفي فقط بذلك، بل يقوم بالتلخيص والتفسير والتحليل من خلال الاستنتاجات من البيانات التي تظهر وله مدارسه العديدة التي للأسف لا تزال تنحصر في المدرسة الكمية رغم قوة وضرورة المدرسة الكيفية أو ما نسميها بالأبحاث النوعية (بيوت المعاني).
ولا يخفى على أحد أن الهدف الحقيقي من عمليات الإحصاء ليس الأرقام! إنما المعاني التي تفسرها. استحضر هذا المفهوم بعد لقاء متميز مع سعادة الدكتور فهد بن عبدالله الدوسري رئيس الهيئة العامة للإحصاء في جمعية كتّاب الرأي مع الزملاء الكرام. وهو رجل اقتصادي ذو خبرة ممتدة وخريج جامعة ليدز العريقة، تحدث فيه عن واحدة من أنجح عمليات التعداد السكاني لوطننا الحبيب وكما يقول آباؤنا (اللهم زدنا ولا تنقصنا). كانت الشفافية حاضرة والمرونة أيضاً في الإجابة على أسئلة صنّاع الرأي الحاضرين والمختصين. بلا شك إن التعداد السكاني الأخير كان فرصة حقيقية لاختبار الوعي المجتمعي والذي أظهر ولله الحمد استجابات إيجابية عايشناها ولمسناها جميعاً.
من هنا أعيد طرح فكرة لوزارة الإعلام باعتبارها صوتنا الداخلي والخارجي، بأن تكون هناك اتفاقية بين الهيئة العامة للإحصاء والوزارة سواء عبر مركز التواصل الحكومي أو الهيئات الإعلامية (الإذاعة والتلفزيون)، و(المرئي والمسموع)، عبر تبادل هذه البيانات ليس بغرض عرضها فقط إنما يخصص مركز أبحاث ودراسات إعلامي مرتبط بوزير الإعلام يحلل ويفسر هذه البيانات ويصنع منها معنى يلامس مشاعر الناس وأفهامهم، وقد شاهدت نموذجاً مطروحاً في عدة دول خليجية لهذه الاتفاقيات التي قد تكون موجودة بالفعل، لكن تحتاج للوصول للناس بشكل أكثر وضوحاً. والهدف ليس مجرد توقيع اتفاقية إنما العمل والتأسيس لأن تكون برامج وزارة الإعلام مبنية ومرتبطة بشكل مباشر بالتنمية والحالة الاجتماعية لكل منطقة وأن تتزامن بشكل مستمر مع حاجات المواطنين وهمومهم ومشكلاتهم.
إن أهداف الإحصاء في الميدان الإعلامي عديدة بل قد تصل بعضها لدرجة من الخطورة الأمنية التي تتطلب حساً أمنياً عالياً وتركيزاً فيما ينشر ولا ينشر، فليست كل البيانات مثلاً قد تناسب أن تكون متاحة للنشر، ورغم وجود مفهوم البيانات المفتوحة إلا أنه لا تزال هناك نقص تغذية واضح في ترويتها وتزويدها، لكن هناك حاجة ماسة مثلاً لاستخدام بعض الأرقام مثل ما يخص تمكين المرأة والصحة الإنجابية وأن يتوافق معها برامج مرئية ومسموعة تفسر للفتيات على سبيل المثال دورها الاجتماعي المهم ووعيها بقيمتها الإنتاجية والاجتماعية، لذا مهم أن تكون أيضاً هناك مسوحات نوعية بهدف الاستدلال على التفسيرات الاجتماعية والتحليلات لارتفاع الدخول في حي ما أمام انخفاضه في حي آخر، كذلك معدلات الجريمة التي قد تكون معلومة للسكان المحليين، لكن المملكة اليوم تستهدف الكثير من المستثمرين الدوليين أو حتى الطلبة الأجانب الذين يهمهم معرفة هذا النوع من المعلومات.
للتأكيد، ما نطرحه اليوم هو ما نأمل رؤيته في الغد والمستقبل، ونحن على ثقة بقوة كوادرنا الوطنية في كل مجال. ولا يمكن أن نتحدث عن أي مشكلات اقتصادية أو اجتماعية دون توافر بيانات ومعلومات ومؤشرات موثوقة، بل اليوم أصبح لدينا الكثير من المنصات التي تساعد في فهم الأشخاص واحتياجاتهم بل من الممكن تبسيط المشكلات والتعبير عنها بصورة عملية واستخلاص تأثيرها وإثبات مدى جدواها من عدمه، ورصد كافة المتغيرات المستقلة والتابعة سواء بالكم أو الكيف.
أخيراً: «جميع الإحصاءات في العالم لا يمكن أن تقيس دفء ابتسامة».. هكذا كتب كريس هارت وأظنه أصاب. كونوا بخير.
ولا يخفى على أحد أن الهدف الحقيقي من عمليات الإحصاء ليس الأرقام! إنما المعاني التي تفسرها. استحضر هذا المفهوم بعد لقاء متميز مع سعادة الدكتور فهد بن عبدالله الدوسري رئيس الهيئة العامة للإحصاء في جمعية كتّاب الرأي مع الزملاء الكرام. وهو رجل اقتصادي ذو خبرة ممتدة وخريج جامعة ليدز العريقة، تحدث فيه عن واحدة من أنجح عمليات التعداد السكاني لوطننا الحبيب وكما يقول آباؤنا (اللهم زدنا ولا تنقصنا). كانت الشفافية حاضرة والمرونة أيضاً في الإجابة على أسئلة صنّاع الرأي الحاضرين والمختصين. بلا شك إن التعداد السكاني الأخير كان فرصة حقيقية لاختبار الوعي المجتمعي والذي أظهر ولله الحمد استجابات إيجابية عايشناها ولمسناها جميعاً.
من هنا أعيد طرح فكرة لوزارة الإعلام باعتبارها صوتنا الداخلي والخارجي، بأن تكون هناك اتفاقية بين الهيئة العامة للإحصاء والوزارة سواء عبر مركز التواصل الحكومي أو الهيئات الإعلامية (الإذاعة والتلفزيون)، و(المرئي والمسموع)، عبر تبادل هذه البيانات ليس بغرض عرضها فقط إنما يخصص مركز أبحاث ودراسات إعلامي مرتبط بوزير الإعلام يحلل ويفسر هذه البيانات ويصنع منها معنى يلامس مشاعر الناس وأفهامهم، وقد شاهدت نموذجاً مطروحاً في عدة دول خليجية لهذه الاتفاقيات التي قد تكون موجودة بالفعل، لكن تحتاج للوصول للناس بشكل أكثر وضوحاً. والهدف ليس مجرد توقيع اتفاقية إنما العمل والتأسيس لأن تكون برامج وزارة الإعلام مبنية ومرتبطة بشكل مباشر بالتنمية والحالة الاجتماعية لكل منطقة وأن تتزامن بشكل مستمر مع حاجات المواطنين وهمومهم ومشكلاتهم.
إن أهداف الإحصاء في الميدان الإعلامي عديدة بل قد تصل بعضها لدرجة من الخطورة الأمنية التي تتطلب حساً أمنياً عالياً وتركيزاً فيما ينشر ولا ينشر، فليست كل البيانات مثلاً قد تناسب أن تكون متاحة للنشر، ورغم وجود مفهوم البيانات المفتوحة إلا أنه لا تزال هناك نقص تغذية واضح في ترويتها وتزويدها، لكن هناك حاجة ماسة مثلاً لاستخدام بعض الأرقام مثل ما يخص تمكين المرأة والصحة الإنجابية وأن يتوافق معها برامج مرئية ومسموعة تفسر للفتيات على سبيل المثال دورها الاجتماعي المهم ووعيها بقيمتها الإنتاجية والاجتماعية، لذا مهم أن تكون أيضاً هناك مسوحات نوعية بهدف الاستدلال على التفسيرات الاجتماعية والتحليلات لارتفاع الدخول في حي ما أمام انخفاضه في حي آخر، كذلك معدلات الجريمة التي قد تكون معلومة للسكان المحليين، لكن المملكة اليوم تستهدف الكثير من المستثمرين الدوليين أو حتى الطلبة الأجانب الذين يهمهم معرفة هذا النوع من المعلومات.
للتأكيد، ما نطرحه اليوم هو ما نأمل رؤيته في الغد والمستقبل، ونحن على ثقة بقوة كوادرنا الوطنية في كل مجال. ولا يمكن أن نتحدث عن أي مشكلات اقتصادية أو اجتماعية دون توافر بيانات ومعلومات ومؤشرات موثوقة، بل اليوم أصبح لدينا الكثير من المنصات التي تساعد في فهم الأشخاص واحتياجاتهم بل من الممكن تبسيط المشكلات والتعبير عنها بصورة عملية واستخلاص تأثيرها وإثبات مدى جدواها من عدمه، ورصد كافة المتغيرات المستقلة والتابعة سواء بالكم أو الكيف.
أخيراً: «جميع الإحصاءات في العالم لا يمكن أن تقيس دفء ابتسامة».. هكذا كتب كريس هارت وأظنه أصاب. كونوا بخير.